حسنا فعل عمر محمد مرسى حين سحب ملف تعيينه بالشركة القابضة للمطارات، ليرفع الحرج عن نفسه وعن أبيه وعن مصر كلها، ويبقى على الذين مضغوا أكذوبة الأربعين ألف جنيه كراتب محدد له وبصقوها فى وجه الجميع أن يثبتوا لنا صحة ما رددوه وأذاعوه بكل السبل.
وأغلب الظن أن أحدا لن يفعل، ذلك أننا نعيش مرحلة الكذب التكتيكى قصير المدى سريع المفعول بالتوازى مع الكذب الاستراتيجى ممتد الأثر، وقد جرى تصنيع حدوتة الأربعين ألفا كما تصنع عشرات الأكاذيب اليومية لتستعمل لمرة واحدة، وبعدها يتم تخليق حكاية أخرى.
وقد قلت فى هذا المكان بالحرف الواحد «إن واقعة التعيين فى حد ذاتها بها كثير من الفجاجة والإهدار لمبدأ تكافؤ الفرص والابتعاد عن قيمة التعفف وضرب المثل الأعلى فى التجرد والنزاهة، خصوصا أن فى مصر نوابغ ومتفوقين ينتحرون شنقا بحبل البطالة الممتدة لسنوات طويلة بعد التخرج» وكذلك «نريد بيانا رسميا يعلن الحقائق والأكاذيب فى موضوع تعيين ابن الرئيس، ونريد مبادرة من الرئيس شخصيا بإلغاء قرار تعيين ابنه حديث التخرج فى هذا المكان، لأنه بالتأكيد جاء على حساب من يستحق هذه الفرصة أكثر منه».
وحين عرضت وجهة نظر المستشار محمود مكى النائب السابق لرئيس الجمهورية والذى طاله رذاذ الأكاذيب السريعة بتداول واقعة مكذوبة عن تعيين ابنه فى مجلس الدولة كنت أطبق أبسط قواعد الموضوعية، وتركت معظم المساحة ليدافع الرجل عن نفسه أمام ريح صرصر من التلفيق والبذاءة.
ورغم ذلك اتهمنى البعض بأننى أحشر القارئ بين خيارين: إما سكة علاء وجمال، أو التعيين فى وظائف الحكومة بصرف النظر عن الجدارة، ومن ذلك ما ورد فى سطور القارئ الدكتور عمرو جابر التى يقول فيها:
1ــ بدايه حضرتك فى المقال وضعت القارئ بين خيارين أحلاهما مر، إما الرضا بحصول أبناء المسئولين على وظائف فى الدولة يحصلون منها على رواتب من أموال الشعب وإما أن يتجهوا إلى البيزنس غير النظيف وكأنه لا يوجد خيار ثالث.
2ــ لا يوجد شخص عاقل ومنصف يرفض تعيين ابن الرئيس فى وظيفه يستحقها، ولكن يبقى السؤال هل فعلا يستحق عمر مرسى هذه الوظيفة؟؟
هل حصل أقرانه من خريجى كلية التجارة دفعه 2012 وبتقديرات أعلى منه على وظيفه مشابهة؟؟
3ــ ما تم تداوله ولم يكذبه أحد عن الإعلان عن الوظيفه كان إعلانا داخليا وبالتالى فهو موجه إلى من يعملون فى الهيئة نفسها ولم يكن متاحا لجميع أبناء الوطن من خريجى كلية التجارة أن يتقدموا للوظيفة.
4ــ المشكله الكبرى يا سيدى ليست فى أن يعمل أبناء المسئولين فى القطاع الحكومى أو فى بزنس خاص.. المشكلة أن يحصل أبناء المسئولين على ما لا يستحقونه فلا العمل فى وظيفة حكومية فى حد ذاته دليل على الأمانة وطهارة اليد ولا امتلاك بزنس خاص دليل على السرقة والانحراف.
5ــ تبقى لدى ملحوظة أخيرة هى أن على مرسى أن يدرك اللحظة التى تمر بالبلاد الآن وأن لدى الجميع حساسية مفرطة من أى تجاوز ولو بسيطا من اى مسئول كبير فى الدوله وأنه من الحكمة إدراك عواقب الأمر قبل الإقدام عليه.
6ــ أما بالنسبة لما ذكرته بخصوص نجل المستشار مكى فقد أضحكتنى للغاية فأنا يا سيدى صيدلى وإلى فترة قريبة كان يعمل معى شاب من خريجى الحقوق دفعة 2008 بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف وحاصل على ماجستير ولم يتم قبوله لا فى مجلس الدولة ولا فى النيابة العامة وكان يعمل معى مساعد صيدلى فى صيدلية فى قرية براتب 500 جنيه شهريا.
ويختم القارئ المحترم رسالته بنصائح أخلاقية ومهنية أشكره عليها ويبقى أننى أنشر رسالته بالمعيار الأخلاقى والمهنى ذاته الذى عرضت به وجهة نظر جديرة بالاحترام والتفكير من المستشار محمود مكى.
وأخيرا يظل إقدام ابن الرئيس على إيقاف تعيينه صورة من صور التعفف وموقف يستحق الاحترام، إلا من الشماشرجية وملتقطى الفتات المتساقط من موائد بيزنس ابنى المخلوع.
0 التعليقات:
Post a Comment