يتجه حزب النور السلفي بمصر نحو اتخاذ منهج «المعارضة المنظمة» لحزب الحرية والعدالة الحاكم الفترة المقبلة، في خطوة اعتبرها الحزب طبيعية طالما كانت «لمصلحة الوطن»، وذلك وفقا لما ذكرته وكالة أنباء الأناضول.
وتعتبر قيادات «النور»، أن الأزمة الراهنة التي بدأت عقب إقالة أحد ممثلين الحزب من الهيئة الاستشارية للرئيس المصري، سبباً أدعى إلى أن تتخذ موقفاً أكثر معارضة ضد ما تراه خطأ في طريقة التعامل مع الأسباب التي دفعت الرئاسة لإقالة خالد علم الدين مستشار الرئيس لشئون البيئة.
الحزب الذي دعم الرئيس في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في مارس الماضي، يرى مواقفه المؤيدة تجاه قرارات مرسي منذ توليه الحكم، لم تكن «تحالفاً» وإنما «توافقاً في الرؤية»، ولا تعني أن يظل مستمراً إذا ما أساءت سياسات النظام الحاكم تجاه قرار ما، وأن موقفه الأخير يجسد حقه في «المعارضة المنظمة الواعية لمصلحة الوطن»، حسبما صرح للأناضول عضو الهيئة العليا لحزب النور صلاح عبد المعبود.
غير أن السيد مصطفى، نائب رئيس حزب النور، أوضح أن الحزب لم يتخذ موقفاً جديداً بالمعارضة، حيث أنه سبق أن عارض الكثير من مواقف داخل مؤسسة الرئاسة، مثل ضرورة تشكيل حكومة جديدة والاعتراض على أداء الحالية، وهو ما يعني أن الحزب كان «معارضاً» منذ البداية، وأن التطابق في المواقف لا يعني تحالفاً.
صاحب الأزمة الأخيرة نفسه، مستشار الرئيس لشئون البيئة المقال كشف في مؤتمر صحفي عقده أمس الاثنين عن معارضته للنظام الحالي قبل إقالته، من خلال مطالبته للرئيس بضرورة ألا يتولى مسؤولية البلد فصيل واحد، وأن يجمع المصريين تحت مظلته وألا يقصي أحداً منهم.
مصطفي علوي أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، اعتبر «أزمة الإقالة» مؤشرا يؤكد على «اتساع فجوة الخلاف بين الرؤية السياسية لكل من حزب النور ومؤسسة الرئاسة، وهو ما ظهرت بوادره مع مبادرة حزب النور التي تضمنت كثير من المطالب المشتركة بينها وبين المعارضة».
وطرح حزب النور السلفي في أواخر يناير مبادرة لنبذ العنف ولم الشمل، حاول من خلالها التواصل بصورة مباشرة مع قيادات جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة، وهو ما رحبت به الأخيرة.
وقبل إعلان إقالة علم الدين بخمسة أيام، اجتمعت قيادات النور مع محمد مرسي لمدة 5 ساعات لمناقشة تفاصيل المبادرة، واتفق الطرفان على أن تكون مبادرة النور قاعدة للحوار الوطني بين الرئاسة والمعارضة بحسب بيان الرئاسة.
وتتضمن مبادرة النور مطالب المعارضة المصرية من تشكيل حكومة توافق وطني تضم وزراء تكنوقراط (كفاءات) وآخرين سياسيين واختيار نائب عام وفق الدستور الجديد للبلاد.
وفي تصريحه للأناضول، شدد علوي على أن «معارضة حزب النور ستكون الأشرس من المعارضة الحالية، وإن كانت منظمة، لأن النور يسعى منذ فترة أن تكون له رؤية سياسية مستقلة بعد انشقاق مجموعة عنه مؤخرا وتشكيلهم لحزب جديد (الوطن)، يضم أبرز القيادات السياسية فيه مثل عماد عبد الغفور مستشار الرئيس للشؤون السياسية ويسري حماد المتحدث السابق باسم حزب النور».
غير أن علوي حذر من أن معارضة النور للنظام الحاكم ستزيد من حالة الانقسام في المجتمع المصري، وخاصة داخل التيارات الإسلامية.
في المقابل، قال طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إنه من المبكر أن نقول إن حزب النور انتقل من مربع «الحليف» إلى «المعارض»، رغم وجود شواهد أولية على ذلك تتلخص في عدم وجود رؤية تجمع قيادات التيار السلفي.
ويشهد التيار السلفي انقساما داخلياً، حيث تحول وجود مرجعيات سلفية مختلفة، الأمر الذي كان مقبولاً في إطاره الفقهي، إلى أزمة داخل العمل السياسي، فهناك تيار سلفي مازال يرى ضرورة تأييد النظام الحاكم في جميع القرارات، بينما بدأ تيار آخر في المعارضة الفعلية، بحسب فهمي.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن معارضة حزب النور الحالية تبقى «رسائل تكتيكية» توجه إلى النظام الحاكم، وسوف تبقى شعرة معاوية بين الطرفين، خاصة لاعتماد قيادات النور على سياسة «راقب وانتظر»، مشيراً إلى أن الحزب الحاكم لن يتخلى عن التيار السلفي باعتباره ظهيره الأساسي في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وأصدرت الرئاسة بياناً رسميا اليوم الثلاثاء أشارت فيه إلى ما قاله فهمي، بقولها «تؤكد رئاسة الجمهورية أن قرار إعفاء خالد علم الدين يتعلق بشخصه، ولا علاقة له من قريب أو بعيد بانتمائه الحزبي وأنها تؤكد احترامها وتقديرها لكافة الأحزاب وما تقوم به من أدوار في إثراء الحياة السياسية المصرية وفي القلب منها حزب النور الذي يمثل فصيلاً وطنياً له حضوره السياسي الفعال».
0 التعليقات:
Post a Comment